احتجاجات واسعة من الأطباء والتمريض ضد سياسة وزارة الصحة بيان لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة رقم 14 يوليو 2010
تشهد بلادنا فى الفترة الأخيرة تصاعدا شديدا فى وتيرة الاحتجاجات والإضرابات التى يقوم بها الأطباء وهيئات التمريض والفنيين والعاملين فى مختلف مستشفيات الدولة بوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية، حيث شهدنا فى الفترة القصيرة الماضية احتجاجات فى مستشفيات الهلال الأحمر، وإمبابة العام، والمستشفيات الجامعية بجامعتى قناة السويس والمنيا. وتتنوع أسباب الاحتجاجات بين الاحتجاج على ضعف الدخول، وامتناع الكثير من المستشفيات والهيئات عن صرف البدلات المقرة، وعدم المساواه فى صرف مختلف البدلات بين الأماكن المختلفة، والتعسف الإدارى والقرارات غير المبررة والمعادية لمصالح العاملين، وأخيرا تدهور شروط ومقومات العمل الطبى السليم فى مختلف المنشآت الطبية وانحدار مستوى الممارسة والخدمة المقدمة للمرضى.
ولقد نبهت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة فى وقفتها الاحتجاجية أمام مجلس الشعب فى 18 مايو الماضى إلى أن هزال ميزانية الصحة هو المسئول الأول عن تدهور مستوى الأطباء والعاملين فى المجال الطبى وكذلك عن ضعف الخدمات الصحية المقدمة. وطالبت اللجنة بمضاعفة ميزانية الصحة فورا من أقل من 5% من الإنفاق الحكومى حاليا إلى 10% هذا العام وزيادتها تدريجيا إلى نسبة 15% المتفق عليها عالميا كأقل نسبة معقولة للإنفاق على الصحة. ونحن نشهد نتائج عدم الاستجابة لتلك المطالب رغم الزيادة الهزيلة التى تقررت فى أعقاب الوقفة. بل إن وزارة الصحة لم تقم بصرف بدلات مقرة بحجة أن وزارة المالية لم تقم بتوريد المبالغ المقررة، ولا يخجل ممثلوا وزارة الصحة من ترديد تلك الحجة القبيحة وكأن مجلس الوزراء عزبا منفصلة ولا ذنب لوزير الصحة فى مخالفة وزير المالية لقانون الميزانية! بل وكأن المسئولية التضامنية لمجلس الوزراء وسياسات لجنة السياسات والحزب الوطنى المفترض أنها تحكم كل الوزراء حبرا على ورق! إذن ماذا يفعل العاملون مع وزارة للصحة وهيئاتها المختلفة التى لا تعطيهم من المرتبات ما يكفى للحد الأدنى من المعيشة الكريمة، وتعطيهم –نتيجة لحركاتهم الاحتجاجية المتكررة- بعض الزيادات فى صورة بدلات ثم تقوم بسحب أجزاء منها بمختلف الحجج مثل عدم الجمع بين بدلات أو بتوقيع مختلف الجزاءات على الأطباء والعاملين لحرمانهم من الحوافز، ثم تمتنع بالمخالفة للقانون حتى عن صرف البدلات الضئيلة المقررة بحجة أن دولة وزير المالية تعلن الحرب وترفض تنفيذ المعاهدات مع دولة وزارة الصحة ولا ذنب لوزير الصحة فى المشكلة؟!
ولكن من الواضح أن المشكلة أكبر من أن تعيها الحكومة ويعيها وزراء الصحة والمالية الذين يعجزون حتى عن قراءة الوضع الراهن: فإن بلادنا تشهد الآن ولادة مصر الجديدة، مصر المقاومة التى تدافع عن حق أبنائها فى الحياة فى مختلف المجالات، وقد حققت حركة جماهيرنا المطالبة بحقوقها مكسبا هاما تمثل فى حكم المحكمة بتقرير حد أدنى للأجور 1200 جنية شهريا. ومثل هذا الحكم حافزا هاما إضافيا للحركات الاحتجاجية بين الأطباء والتمريض كما مثله فى مختلف المجالات. ولن تؤدى سياسة تجاهل مطالب العاملين من أبناء شعبنا فى حقهم فى الحياة الكريمة إلا إلى تصاعد الاحتجاجات الجماهيرية. وإذا كان عندنا فى مصر سابقة لحركة ملايين العاملين فى مصر ضد الغلاء فى انتفاضة يناير 1977، فإن تكرارها ممكن جدا إذا استمرت مثل تلك الحكومة فى عدم الاستماع إلى أصوات عاملين لا يتمكنون من الحياة وتتدهور شروط معيشتهم باستمرار، ومادام المسئولون يرفضون باصرار أن يكونوا على مستوى المشكلة!
ويرتبط تفاقم تلك المشكلات بسياسة وزير الصحة الحالى أجرأ وزير فى تنفيذ والدفاع عن سياسة الخصخصة، فهو أول وزير قادم من مجال البزنس ويطرح بجرأة يحسد عليها تحويل المستشفيات إلى شركات وتحويل هيئات وزارة الصحة الخدمية إلى شركات ربحية قابضة! ومازالت الحكومة مستمرة حتى هذه اللحظة فى الدفاع عن قرار تحويل هيئة التأمين الصحى إلى شركة قابضة أمام القضاء رغم الأحكام السابقة ذات الحيثيات القوية الرافضة للتضحية بحق الجماهير فى الصحة على مذبح الخصخصة! وربما يكون من دواعى فخر وزير الصحة الحالى أنه أول وزير يقلص عدد المستشفيات والأسرة العاملة فى وزارة الصحة! فقد قام بإغلاق 70 مستشفى حميات من أصل 102 مستشفى لضعف نسبة إشغالها (بدلا من إصلاح أوضاعها وتحسين خدماتها لكى يلجأ إليها مرضى بلا مأوى)! بل وقام بالمثل بتحويل 397 مستشفى تكامل إلى عيادات صحة أسرة وبالتالى أول وزير ينقص عدد أسرة وزارة الصحة بما يقرب من 13% على الأقل!!! وهو أكثر وزير يقلص دور القطاع الخدمى لصالح القطاع الخاص الربحى ويتوسع بلا حدود فى فرض الرسوم وإجراءات الخصخصة من الداخل فى الوزارة وهيئاتها.
لقد أدت سياسات الخصخصة إلى تدهور وإهدار إمكانيات الوزارة وهيئاتها العلاجية كما قادت إلى تدهور أوضاع العاملين، ونحن إذ نحيى كل المدافعين عن حقوقهم فإننا نصر على الدفاع عن حقوق العاملين من أطباء وتمريض فى الحياة الكريمة وفى الدفاع عن حق المرضى فى توفير العلاج اللائق الذى يحفظ لهم كرامتهم.