لا ديمقراطية دون احترام حقوق النساء كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان العالمية
إجتمعت أكثر من 80 امرأة من المدافعات عن حقوق النساء من المغرب والمشرق العربيين واوروبا في المؤتمر الدولي الذي عقد في بيروت 10-11 حزيران 2011 بعنوان “دور النساء والحركات والمنظمات النسائية غير الحكومية في الانتقال نحو الديمقراطية” ولبحث دور النساء في الثورات والانتفاضات في العالم العربي وفي المراحل التاريخية للانتقال نحو الديمقراطية، كما لتبادل الخبرات والتأكيد على مشاركة النساء ودورهن في عملية الانتقال نحو الديمقراطية.
نشهد لحظات تاريخية حيث الشعوب في العالم العربي تنتفض ضد الديكتاتورية السياسية والفساد وتطالب بالإصلاحات وحق التنظيم ومن اجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. لقد تحملت النساء المسؤولية في جميع الإنتفاضات في تونس، مصر، العراق، الاردن، ليبيا، اليمن، الجزائر، البحرين وسوريا. كما أن الحركات النسائية هي جزء لا يتجزء من القوى الديمقراطية المطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية. بالرغم من ذلك فإن النساء يستبعدن بطريقة منهجية عن عمليات صنع القرار التي سوف تشكل مستقبل بلدانهن. إنطلاقا من هذه الحقيقة فقد شكك المؤتمر في مفهوم الديمقراطية الحالية في ظل إستمرار التهميش والإستبعاد المتعمد للنساء عن المشاركة في اخذ القرار.
وأدان المؤتمر بشدة جميع أعمال القمع والقتل العسكرية التي تستخدم للسيطرة على الحركات الاجتماعية المتصاعدة؛ كما أدان جميع أشكال العنف الذي يمارس ضد النساء: من الإهانة اللفظية إلى الاغتصاب، والذي يهدف لإسكات أصواتهن. وفي هذا السياق فقد أشار المؤتمر إلى أن تدخلات حلف الناتو العسكرية، والحلول العسكرية لحل النزاعات لم تمنع ولم توقف الاعتداءات الجنسية ضد النساء.
إن عملية إخضاع النساء لا يمكن فصلها عن سائر أشكال القهر، فهياكل السلطة الأبوية التي تديم تبعية النساء قد ظهرت جلية في مرحلة التحولات الديمقراطية. وفي هذا السياق فقد شدد المؤتمر على أن التفاعل بين النظم السياسية المحافظة والنظم الاقتصادية الليبرالية التي تدعمهم، وهياكل الأحزاب السياسية التي تتخذ طابعا ذكوريا ايضا لا تشجع على تعزيز حقوق النساء كخطوة سياسية أولية في سياستها المتبعة. ان هذه الإتجاهات المتشددة قد إتحدت مع الحركات الدينية المتطرفة لمواجهة حقوق النساء في المواطنة الكاملة وحياة خالية من العنف.
إن إقامة الدول والتشريعات المدنية، بما في ذلك قانون العائلة وقانون الاحوال المدنية هي شروط أساسية لتحقيق المساواة بين النساء والرجال. إن تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية هما الطريق الوحيد لمنع تصاعد الحركات الاصولية في ظل المشهد السياسي الحالي.
لقد قام الاتحاد الاوروبي بالمساومة على حقوق النساء وحقوق الإنسان في إتفاقيات سياسة الجوار الأوروبية من أجل ضمان مصالحه الاقتصادية وتكييف التنمية مع السياسات الليبرالية الجديدة. كما إن هيمنة الولايات المتحدة الإميركية السياسية والعسكرية والاقتصادية والتدخل والغزوات والاحتلالات تستخدم جميعها لتنمية الديمقراطية في المنطقة، كما يقال ولكن الديمقراطية لا يمكن استخدامها كأداة او وسيلة لتبرير التدخلات العسكرية والغزوات. إننا نرفض استخدام القوة العسكرية وجميع أنواع العنف الاخرى التي تستهدف المدنيين كوسيلة لحل النزعات.
أعربت المشاركات/والمشاركون عن إلتزامهن دعم الإنتفاضات المستمرة للحركات النسائية في جميع البلدان، وشددن على التضامن الدولي العميق مع مطالبهن الوطنية المنشودة من أجل التغيير الاجتماعي والسياسي، وفي ضوء حقوق النساء والمساواة بين النساء والرجال.
بناء على ما تقدم فقد طالب المؤتمر بالقضايا التالية من المسؤولين:
– دمج وتثبيت مبدأ المساواة بين النساء والرجل في جميع مجالات صنع السياسات، إبتداء من الدساتير الوطنية وإنتهاء بالقوانين المحلية وخطط الأحزاب السياسية ومن أجل ضمان إحترام حقوق النساء كمبدأ أساسي والمساواة كقيمة تأسيسية في السياسات المستقبلية.
– إعتماد تدابير إيجابية من أجل تعزيز مشاركة النساء في هياكل صنع القرار بإعتماد تطبيق الكوتا 30% كحد أدنى لتمثيل النساء في كافة مواقع السلطة في المجالات الاقتصادية والسياسية ومن اجل معالجة وتصحيح عجز الديمقراطية والتوافق مع احتياجات النساء.
– مطالبة رؤساء الدول ضمان استناد التشريعات والمدونات الأسرية إلى قانون مدني وإحترام حقوق النساء الانسانية، وضمان عدم تدخل الأديان في الحياة والمجالات العامة، السياسية والتشريعية. كما ندعوهم إلى إتخاذ تدابير عاجلة لتغيير النظام التعليمي القائم على الصورة الذكورية النمطية والإستثمار في تحويل الانماط الثقافية التي تديم استبعاد النساء في الحيزيين العام والخاص. أن حقوق النساء هي حقوق إنسانية عالمية ولا يمكن التسامح مع اية اساءة لسلامة النساء الجسدية والنفسية باسم الثقافة أو التقاليد أو الدين
– إدانة العنف الذي يمارس ضد النساء والفتيات في جميع أشكاله الجسدية، الجنسية، النفسية، الاقتصادية، المؤسساتية والاجتماعية، ونحث مجلس الأمن الدولي، لجنة النساء التابعة للأمم المتحدة، والحكومات الوطنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز وتبني تشريعات ملزمة غير متسامحة مع الجناة – مرتكبي العنف ضد النساء.
– ندعو الاتحاد الأوروبي إلى إقامة شراكاته المستقبلية على قاعدة الاحترام الكامل لحقوق الإنسان الأساسية للنساء والرجال، ولتطوير أدوات صارمة وموثوقة لتقييم ولتنفيذ ذلك كما هو مذكور في المادة2 من إتفاقيات سياسة الجوار الأوروبية، ولتحديد المسؤوليات وعدم اللجوء إلى عقد الاتفاقيات التي تعزز الوضع مع أي دولة من دول الجنوب التي تنتهك هذه الحقوق.
– ندعو حكومة الولايات المتحدة إلى إنهاء جميع الاحتلالات وإلى إتخاذ خطوات فورية لوقف العسكرة. كما ندعو الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى وضع حد لدعم الولايات المتحدة غير المشروط للحكومة الاسرائيلية والوقوف إلى جانب العدالة والحرية للجميع.
– نحث الجميع على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان عام 1967 ذات السيادة وبعاصمتها القدس الشرقية، كما نحث الجميع على إحترام حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم الاصلية – التي شردوا منها، كخطوة ضرورية وشرطا مسبقا للمشاركة في عملية السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط برمتها والتي من شأنها تسهيل التحولات الديمقراطية وتعزيز احترام حقوق الإنسان للنساء والرجال.
للإطلاع على التدوينة في مكانها الأصلي:
http://lemiakatib.katib.org/